التنافر المعرفي وإشتغالاته في النص المسرحي العراقي (مسرحية المهزلة إنموذجاً)
الملخص
ملخص البحث
تشكل المعرفة مقياساً هاماً للتطور وجزءا اساسيا من التجربة الانسانية , فهي رحلة مستمرة في ميدان سعي الانسان لفهم معنى الحياة والعالم من حوله وتحقيق اشياء عظيمة , وفي الوقت ذاته تطرح تناقضاتها العديد من التحديات التي تثير الشك والحيرة والارهاق العقلي , في ظل عالم مليئ بالظواهر المترابطة بعلاقات معقدة ومتشابكة قد يصعب احياناً فهمها بشكل دقيق عبر قدرات الانسان المعرفية المحدودة , فَتُثار وتتبلور تنافرات معرفية ذهنية قد يؤدي تفاقمها الى صراعات مبكرة خفية , تماماً كما تنذرنا رائحة الدخان النافذة بوجود نار كامنة تبدأ من شرارة صغيرة وسرعان ما تنمو وتكبر بتغذيتها بالاوكسجين فتزداد حدتها كلما اهملنا إخمادها بالماء أو خنقها بقطع إمداد الاوكسجين لها , هكذا حال رحلة التنافر المعرفي التي تبدأ بتناقضات في الافكار والمعتقدات , أو مشاعر متضاربة , أو صعوبة في التوفيق بين القيم والمبادئ , إذ تمثل علامات تحذيرية مبكرة للصراع المحتمل وقوعه , فيشعل حدث ما , أو موقف محدد فتيل الصراع , لتتحول الافكار المتضاربة الى مشاعر جارفة , وتصرفات عدوانية , او انعزال وانطواء فتصعب السيطرة عليه تاركاً ورائه دمارا نفسيا وعلاقات محطمة وخسائر مادية ومعنوية لا يحول دون وقوعها سوى طريق الذكاء والحكمة في التعامل مع هذه التناقضات وتحويلها الى فرصة للنمو والتطور عبر التدخل المبكر والتنازل والتسامح والانفتاح الذهني والوعي وإعادة تقييم الذات وفهمها بشكل اعمق وتوسيع افاق التفكير والتقبّل وخلق عالما متوازناً ومتسقاً , فيغدو التنافر المعرفي حالة صحية ومحفزا للتغيير الايجابي , بخلاف الاستراتيجية الخاطئة للتعامل معه , عندما تلجأ الشخصية الى دفن التناقضات تحت السطح وتجاهلها وتجنب التفكير فيها , والافراط في استخدام آليات وحِيَلْ الدفاع النفسي المتمثلة بخداع الذات وانكار الحقائق وتأويلها المتحيز واعادة كتابة التاريخ والتجاهل المتعمد والتبريرات الواهية لأي شيء قد يثير التنافر المعرفي واغلاق العقل وعدم المواجهة والهروب من الواقع , التي تفضي الى اتزان نفسي هلامي ومؤقت سرعان ما يغيبه تنافر معرفي آخر اشد حدة مما يدفع الشخصية الى أحداث تغرقها في المأساة .